"فما رأيتُ رسُول الله -صلى الله عليه وسلم- استنَّ استناناً أحسن منه" -عليه الصلاة والسلام- حرصاً على هذه السَّنَّة، والمُوفَّق لا يُفرِّطُ بشيءٍ من السُّنن حتى في أحلك الظُّرُوف والأحوال، وكثيرٌ من النَّاس تُشاهِدُونهُ في الأوقات التِّي تضييق بالنِّسبة لهُ يُهدر كثير من الواجبات فضلاً عن السُّنن، يتخفَّف من الواجبات لأدْنَى سبب، ويعْذُر نفسهُ بأدْنَى عُذْر عن الواجبات يتخفَّف ويقول: الله غفورٌ رحيم لأدْنى عُذر، يُصاب بزُكام ويترك الصَّلاة مع الجماعة، وعكة خفيفة يترك الصَّلاة، يُؤخِّر الصَّلاة حتى يخرج وقتُها و يقول: الله غفورٌ رحيم، نعم الله غفورٌ رحيم، رحمتُهُ وسعت كُلَّ شيء كَتَبَها لمن؟ و{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا}[(156) سورة الأعراف] لمن؟ للمُفرِّطين؟ للذِّين يُزاولُون المُنكرات ويعتمدُون على سعة رحمة الله؟ لا، هو غفورُ رحيم كما أخبر عن نفسِهِ -جل وعلا- ، ومع ذلكم شديدُ العقاب، والله -سبحانه وتعالى- يغار، ولذا حُدَّت الحُدُود، يزني الزَّاني ويقول: الله غفورٌ رحيم، ويسرق السَّارق ويقول: الله غفورٌ رحيم، ورحمة الله -جل وعلا- لا تُحد وسِعت كل شيء؛ ولكنْ مع ذلكم هناك مع هذا الوعد وعيد، وعلى المُسلم أنْ ينظر إلى النُّصُوص مُجتمعة، لا ينظر إلى الوعد فقط فيُصاب باليأس والقُنُوط، ويسلك مسالك الخوارج، لا، ولا ينظر إلى نُصُوص الوعد مُعرضاً عن نُصُوص الوعيد فيسلك مسلك الإرجاء، وينسلخ من الدِّين وهو لا يشعر، على الإنسان أنْ يتوسَّط في أُمُورِهِ كما هو مذهب أهل الحق مذهب أهل السُّنة والجماعة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فرَّط في هذه السنة رغم ما يُكابِدُهُ من آلام وأوجاع.